رؤوس نسوان القطيف “مفترّة”.. لا “تِتِنْ” في السوق.. والكيلو بـ 450 ريالاً…! سياسة "التعطيش" تكرّر أزمة سبتمبر 2018.. والباعة يشكون من "تجار جشعين"

القطيف: شذى المرزوق

ما العلاقة بين سبتمبر و”أزمة التِّتِن”؟ قد يبدو ألا علاقة بين هذا الشهر في التقويم الغريغوري، الذي يُسمى أيضاً “أيلول” في العراق والشام، ويدلّ الشهر على الصراخ والعويل، كما في الثقافة السيريانية، ففي هذا الشهر يستمر النواح على “تموز”.. ويبدو أن سبتمبر 2020 خاص بالصراخ في أسعار التبغ الخام المعروف محلياً بـ”التِّتِن”.

المصادفة أن سبتمبر شهد أعنف “أزمتي تِّتِن” خلال عامي 2018 و2020.

في أزمة “سبتمبر 2018” وصل سعر الكيلو إلى 200 ريال، فيما كان قبلها يراوح بين 50 إلى 65، أما في أزمة سبتمبر 2020 فوصل إلى 450 ريالاً، فيما كان قبلها 180.

أسعار “التِّتِن”، سواءً في 2018، أو 2020، تعتبر مرتفعة جداً، عند مقارنتها بما كانت عليه في العقود الثلاثة الماضية؛ إذ كان سعر الكيلو في حدود 50 ريالاً. إلا أنها شهدت ارتفاعاً منذ مطلع 2018، بموازاة الارتفاع في أسعار السجائر ومواد التدخين حينها، بعد رفع الضريبة عليها إلى 100%، وفرض ضريبة القيمة المُضافة (5%). وبدأ ذلك العام بسعر 120 ريالاً مضاعفاً عن سعر العام السابق له (2017) الذي راوح بين 55 و60 ريالاً. لكنه واصل الارتفاع تدرّجاً حتى وصل سعر الكيلو، في أغسطس من العام نفسه، إلى 145 ريالاً، في سابقة تاريخية.

أما في 2020، فكان سعر الكيلو قبل شهرين ونصف الشهر يراوح بين 170 إلى 180 ريالاً، ليرتفع تدرجاً أيضاً إلى 450 اليوم. اللافت أن سعره في سلطنة عُمان 30 ريالاً سعودياً (البندَلَهْ 3 آلاف ريال)، وتقدر رسوم الجمارك وأجور الشحن بحوالى 66 ريالاً، وبجمع  سعره في مسقط مع الرسوم يصل إلى 96 ريالاً، ولكنه يُباع في أسواق القطيف بـ450.

رسوم وضرائب

الأزمة الحقيقية ليست في ارتفاع أسعار “التِّتِن”، بل في ندرة المعروض منه، وهو ما أدى إلى نشوء أزمة الأسعار الحالية، تماماً كما حصل في سبتمبر 2018، والقاسم المشترك بين الأزمتين “الرسوم والضرائب”.

مرة أخرى؛ ما علاقة سبتمبر بالتِّتِن؟ لا يبدو أن ثمة علاقة بينهما، حتى فيروس كورونا المُستجد ربما يكون “بريئاً” هذه المرة من هذا الارتفاع القياسي، فمجالس العزاء النسائية، حيث “تكركر” قداوة النسوان متوقفة بأمر “كورونا”.

أياً كان السبب في هذا الارتفاع؛ فإن رؤوس القطيفيات “مفترة”، فلا تِّتِن في السوق، وهن على استعداد لدفع أي مبلغ، المهم أن يتوفر التِّتِن.

المتتّنات يشكين الحال

خلال الأيام الماضية؛ تداولت القطيفيات رسائل “واتساب”، من قبيل: “استروا علينا لو بكيلوين تِّتِن، أعصاب الوالدة تلفانة“، أو “راسنا مفتر بلا قدو“، أو كما يعبر أديب الصادق في تغريدة نشرها على حسابه في تويتر “الراس انكسر والوقل ضاع والبادقير انخفس والقلم اتفلفل والبچار اتشلخ والبصري مكسور الخاطر وسعر التِّتِن ارتفع“. وهذه العبارة مليئة بمصطلحات المدخنان، وتسمية مكوّنات أداة تدخين “القدو”..!

أصحاب الرسائل السابقة ممن لا يقوين على العيش من دون “تقنيد الراس بالقدو“، والأمر ينطبق نسبياً على قليل من الرجال، من مدخني النارجيلة.

أحد محلات “التتن” في سوق الشريعة، القطيف (تصوير: فتحي عاشور)

مُحتكرون يستغلون الأزمة

اتصالات حثيثة يجريها باعة التِّتِن، للتأكد من وصول الشحنات، وفيما لا يكترث بعض النساء بالسعر المرتفع، أو المخاطر الصحية التي يترتب عليها التدخين، تدور مقايضات ماراثونية من جهة أخرى في حال وصول التِّتِن، بسبب ارتفاع سعر الكيلو إلى ما بين 430 إلى 450 ريالاً، بحسب ما ذكر البائع جلال الزريقي (سنابس)، الذي يدعو إلى “مراقبة الأسعار، ومنع تجار التِّتِن من التلاعب”.

الزريقي قال لـ”صبرة” “التِّتِن غير متوفر في القطيف حالياً، ومن يتوفر عنده؛ سبق أن قام بتخزينه في مستودعات لليوم الذي يعاني فيه السوق من أزمة الانقطاع؛ ليضرب بذلك ضربته، مطبقاً المثل الشهير “القرش الأبيض لليوم الأسود”، مضيفاً “التِّتِن يعتبر منتجاً ذا استهلاكية عالية في البيوت القطيفية، خصوصاً في مجالس العزاء النسائية”.

ومع أن مجالس العزاء توقفت، بسبب جائحة كورونا؛ الا أن علاقة القطيفيات مع “القدو” لم تتوقف، ما يجعلهن يرضخن لمطامع التجار التي أوصلت الأسعار إلى مستويات غير مسبوقة.

ضحايا التخزين والإجراءات

يكمل الزريقي “في أقل من 75 يوماً؛ شهد سعر كيلو التِّتِن زيادة تفوق 250 ريالاً، فبعد أن كان يباع بـ180 لدى غالبية المحال، بات الآن يراوح بين 430 و450 ريالاً”.

ويرى أن بيع التِّتِن الذي يستورد في العادة من سلطنة عُمان، التي تعتبر مصدر أجود أنواعه، “لم يتغير، بل تغيرت الشروط على التاجر، ما يجعل تخليص الشحنة الجمركية يحتاج وقتاً أطول”.

ويوضح أنه ابان إنهاء الإجراءات الجمركية “يستغل التجار من مخزني الشحنات الظرف لرفع السعر”، في إشارة إلى أن التخزين هو السبب الرئيس في مشكلة التِّتِن الحالية.

تعطيش السوق من التِّتِن

بائع آخر، يوافق الزريقي، في وصف النساء مستهلكات القدو بـ”الضحايا اللاتي يستغل تجار جشعون حاجتهن للتِّتِن” بحسب قوله لـ”صبرة”.

ويلخص تعقيدات الإجراءات الجمركية بأنها “إجراءات جديدة دفعت بكبار التجار لإعادة الشحن الجمركية، والسعي لتخليصها ضمن حزمة من الاشتراطات التي وضعتها الهيئة العامة للجمارك مؤخراً، وفي هذه الأثناء أحكم بعض التجار، ممن لديهم مطامع، اقفال المستودعات، وامتنعوا عن البيع إلى حين تعطيش السوق من التِّتِن تدريجياً، ليعيدوا فتح الأبواب بأسعار أعلى”.

رضوخ المُستهلك سبب الغلاء

يرى علي الزاهر، وهو أحد كبار تجار التِّتِن، أن المستهلك هو “سبب الغلاء”، ويقول لـ”صبرة” “قبوله بمثل هذه الأسعار التعسفية، وشراؤه المنتج رغم السعر المُبالغ فيه؛ هو ما يشجع التاجر الجشع على عدم التوقف، بل يزداد بطشاً في السوق”.

ينفي الزاهر أن يكون فيروس كورونا سبباً في شح التِّتِن في السوق، ويقول “إن الدولة أوجدت جميع التسهيلات لتوفير كافة المنتجات الاستهلاكية للباعة والمستهلكين، ما عدا فترة الحجر التي أقفلت فيها المحال، حرصاً على الصحة العامة، وفي أقل من شهر تم استئناف العمل، فعملية الاستيراد لم تتوقف، وكذا البيع والشراء كانا يتمان بسلاسة مع توفر التِّتِن بسعر مناسب، وكانت معدلات الإقبال على الشراء مُعتادة”.

الختم الضريبي

يقر الزاهر بأن تأثير ارتفاع ضريبة القيمة المُضافة على المستهلكين أكثر من التجار، ولا يجد هؤلاء أي مشكلة في دفع رسوم الضريبة والزكاة، أو تكاليف الإجراءات النظامية للبضاعة.

ويرى أن معالجة أزمة التِّتِن الحالية تكمن في “إعادة الشحنة إلى مصدرها؛ عمان، وعدم استلامها الا بعد وضع العلامة الضريبية التي تحتاج وقتاً طويلاً لإنهائها”، مستشهداً ببضاعته الأخيرة المُعطلة في جمارك عُمان، التي تزن 16 طناً، أي حوالى 160 بندَلَهْ، (البندَلَهْ الواحدة تعادل 100 كيلوغرام من التِّتِن)، مكلفة إياه حتى الآن أكثر من 700 ألف ريال.

في السياق نفسه، يقول البائع ميثم الزريقي لـ”صُبرة”، إن “تفاقم الأزمة جاء نتيجة التأخير في المخالصة الجمركية التي تستدعي إعادة الشحنة إلى عُمان، بعد ما فرضت اشتراطات الختم الضريبي بعد تغليف كل نصف كيلوغرام بمفرده، إضافة غلى إجراءات أخرى، والبائع أو التاجر مُجبر على الاستجابة للاشتراطات المطلوبة من الجمارك، ما يؤخر استلام الشحنة”.

اقرأ أيضاً

[أزمة التِّتن] “البَنْدَلَهْ” في عمان بـ 500 ريال.. وفي السعودية بـ 25 ألفاً

سعر كيلو “التِّتن” يعادل ثمن 16 دجاجة أو 33 كيلو رز..!

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×