نسوان القطيف يكسرن “القداوة”: “واصفيراه صفر”.. هل يتوفر “التتن” في ربيع؟ الكيلو قفز إلى 550 ريالاً.. وتجار: "إجراءات رسمية" وراء أزمة السوق

القطيف: شذى المرزوق

في اليوم الأخير من شهر صفر، والأول من ربيع الأول (بعد حوالى ثلاثة أسابيع)، ستودع نساء القطيف شهر صفر، بالوقوف عند أبواب منازلهن وفي ساحات مغلقة، لكسر “قداوتهن” وأدوات فخارية، في تقليد سنوي لما يعتقدن أنه “طارداً للنحس”، مع ترداد أهازيج شعبية مشهورة، أشهرها “واصفيراه صفر.. كسرنا الشر وانكسر”.

لكن؛ هل ستفعلها نسوان القطيف هذا العام، في ظل أزمة تتن تعصف في السوق منذ أشهر، حتى وصل سعر الكيلوغرام إلى 550 ريالاً، بعدما كان يباع بـ430 قبل أسبوعين، و180 قبل شهرين.

الأوراق الصفراء أصبحت عملة نادرة في السوق.

أزمة مُزدوجة

بدت سطوة “القدو”؛ أنيس مجالس النساء في القطيف، أكبر مما كان متوقعاً، ليس فقط لناحية تأثيره على تغيير المزاج، بل تعدى ذلك إلى أضرار اقتصادية لـ”المُتتنة” (المُستهلك) والبائع (المُستورد).

السوق شهدت مؤخراً شحاً شديداً في التتن (التبغ)، وارتفاعاً “خيالياً” في الأسعار؛ إلا أن “المُتتنات” رضخن على مضض لأسعار فرضها تجار على ربطات التتن، وتهافتن بحثاً عن أي كميات متوافرة، لتكون “تصبيرة، حتى انجلاء الغمة” كما قُلن.

استفز ارتفاع الأسعار المستمر تجاراً آخرين، اعتبروا ما قام به بعضهم من تخزين بضاعتهم وعرضها لاحقاً بمثابة “سوقاً سوداء” للمتاجرة بـ”الأوراق البنية الباعثة على السعادة والمتنفس من هموم وضجر النسوان”.

تكسير الفخار عادة قديمة تمارسها نسوة القطيف في أواخر صفر وغرة ربيع الأول.

صفر وكسر “القداوة”

تعتقد شرائح من المجتمع أن قياس الحال النفسية والمزاجية للنساء يعتمد على تدخين “القدو”، فلا يكاد يخلو منه مجلساً، سواءً للحزن بكاءً على فقيد، أو حتى فرحاً بعرس.

القدو في القطيف يُعد موروثاً شعبياً؛ ما جعل بعض النسوة يتمنين أن يودعن شهر صفر “بكسر القدو”، وتحطيم أسعار التتن معه.

فمع “لاهوب” الصيف الاستثنائي هذا العام، إضافة إلى تأثير جائحة كورونا على كل شيء؛ جاءت أزمة التتن وارتفاع سعره “الجنوني”، لتستنزف ما تبقى من طاقة وصبر لديهن.

بعضه ما يسوى قيمته

أم أحمد سعيد، إحدى بائعات التتن في صفوى، تنقل بعضاً مما تتداوله “نسوان العزايا” والمهتمين في تجارة التتن، من أمل أن تكون نهاية صفر “مُبشرة بنزول السعر”.

عن البيع؛ قالت لـ”صُبرة”، “ارتفاع الأسعار بشكل مُبالغ فيه استوقفني، إذ وصل الكيلوغرام إلى أكثر من 500 ريال”، مشيرة إلى أنها توقفت عن البيع منذ اللحظة التي وصل فيها الكيلو إلى 380، أي قبل أكثر من شهرين.

وأضافت سعيد “ضميري يؤنبني؛ كيف أبيع الناس كيلو تتن بهذا السعر الخيالي؟ وليس كله يساوي قيمته، فبعضه من صنف رديء، ولكن حاجة الناس تجبرهم على أخذ كل ما يمكنهم الحصول عليه، مهما كان المستوى، وإن كان رديئاً”.

أزمة التتن استفحلت خلال الأشهر الماضية.

باعة يتوقفون

البائع مهدي دعبل (من القديح)، استنكر الارتفاع في الأسعار، وقال لـ”صُبرة” “لا أعلم عن الأسعار اليوم، فلقد توقفت عن الشراء والبيع منذ بدء الارتفاع المتدرج”، أي قبل حوالى 4 أشهر.

كان دعبل يشتري التتن ويبيعه “بسعر مناسب”، ولكن تغيير الحال في الفترة الأخيرة، وشح التتن في السوق لم يعد يسمح له بمتابعة الشراء، فتوقف.

رغم قلة المعروض وارتفاع الأسعار تقبل النساء على شراء التتن.

عتاب للمستهلك

من جهته، أكد التاجر علي الزاهر (من العوامية)، وجود فارق “كبير” في السعر، الذي شهده سوق التتن في الآونة الأخيرة، ووصول الكيلو إلى نحو 550 ريالاً، موجهاً عتبه إلى المستهلك “الذي سمح لبعض التجار باستغلال السوق، بتقبله هذه الأسعار” بحسب قوله لـ”صُبرة”.

علق الزاهر آماله على إنهاء إجراءات شحن كميات التتن العالقة في مطار الملك فهد الدولي بالدمام، متمنياً أن تقوم الهيئة العامة للزكاة والدخل بتسريع الإجراءات التي تستغرق وقتاً طويلاً، مما سمح لبعض التجار باستثمار الوقت لتحقيق مصالح شخصية، أوصلت أسعار التتن إلى هذا المستوى المُبالغ فيه.

حول الأسعار الجمركية والإجراءات، يسأل الزاهر مستنكراً “إن كانت الرسوم تبلغ 124 ريالاً، والتي تشمل رسوم الجمارك البالغة 96 ريالاً للكيلو الواحد، مُضاف إليها سعر الشحن المقدر بـ28، مقابل سعر الكيلو في سلطنة عُمان (بلد المصدر)، الذي لا يتجاوز 30 ريالاً سعودياً، ومع هذا فهناك 7 آلاف رسوم الأرضية مع أجور المُعقب، وباقي الضريبة ليصل إلى المستودع بقيمة 167، فيما يكون سعر البيع 200 ريال، فما حجم الربح الذي يعود على التاجر بعد خصم إيجار المحل ورواتب العمال؟”.

اشتراطات جديدة لاستيراد التبغ.

بطء الإجراءات

شوقي آل اسعيد، المدير العام لمؤسسة “شروق الصفا التجارية”، أحد كبار تجار الجملة لمنتجات التبغ في المنطقة الشرقية، أعاد ارتفاع أسعار التتن منذ نهاية شهر مايو الماضي، إلى “البطء في تنفيذ الإجراءات من جانب الهيئة العامة للزكاة والدخل، والجهات التابعة لها للحصول على الأختام الضريبية، ما جعل المستهلك فريسة لجشع واستغلال من لا يخضعون للأنظمة، ولا إلى جهة رقابية، ولا يحملون أرقاماً ضريبية”.

اشتراطات رسمية

نوه آل أسعيد، إلى أن دخول التبغ للمملكة يتطلب اجتياز عدة اشتراطات نصت عليها أنظمة وضوابط الهيئة العامة للغذاء والدواء، والهيئة العامة للزكاة والدخل، وكذلك اللجان المرتبطة في الهيئتين، ومنها اشتراط الختم الضريبي لـ”الزكاة والدخل”، والذي يحمل كثيراً من المتطلبات والتطبيقات، وكذلك تطبيق اشتراطات التغليف العادي من “الغذاء والدواء” وجمعية مكافحة التدخين، بحيث تكون الأحرف بخط معين، وكذلك مقاس الخط، والجمل المطلوب كتابتها، وغيرها من الألوان والصور.

وأشار إلى أن أهم اشتراطات الهيئتين أن تكون كل حزمة مختومة لا تقل عن 250 غراماً، ولا تزيد عن 500.

تجار يفضلون بيع التتن ورق صاف.

الورق الصافي أفضل

ما يقلق آل اسعيد، وربما غيره من التجار، هو شرط الوزن والذي “يصعب التحكم به، لأن التتن الذي يدخن بالقدو بصفة خاصة، ينقص وزنه بسبب العوامل الطبيعية والفترة الزمنية قبل وصوله للمستهلك النهائي، وهو مصرح بوزن ومختوم ضريبياً، أي أن المتضرر الأول والأخير هو المُستهلك، لأن الجهات المُحصلة للضرائب ستأخذ بالوزن القائم والموضوع على المُنتج، قبل دخوله من منافذ المملكة، وإن نقص وزنه”، معبراً عن تأييده بان يكون التتن “ورق صاف بلا عيدان”.

وتمنى الانتهاء من الإجراءات “في أقرب وقت حتى يتسنى ليّ ولغيريّ من تجار التبغ تجاوز الأسعار المُبالغ فيها، والبيع بأسعار مناسبة للمُستهلك، الذي أثر فيه كثيراً شح التتن من جهة، واستغلال البعض حاجة المستهلك في رفع السعر من جهة أخرى”.

اقرأ أيضاً:

رؤوس نسوان القطيف “مفترّة”.. لا “تِتِنْ” في السوق.. والكيلو بـ 450 ريالاً…!

أزمة التتن تُخرج صفوانية من طورها: اتقوا الله يا أهل الجنوب..!

تكسير الفخاريات.. موروث تركماني انتشر في العراق.. ثم انتقل إلى القطيف

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×