زهرة المسلم.. جمعت 4 آلاف متطوّع لترميم منازل الأسر المتعفّفة "سين" مؤسسة قطاع ثالث لا تتلقّى الأموال.. بل تعمل على مساعدة الناس عينياً
القطيف: بنين عويشير
لم تقف طبيبة الأسنان زهرة المسلم ومؤلفة روايتي “سين زهرة” و”الغبية”، مكتوفة الأيدي أمام بيوت الأسر المهددة بالخطر، منذ اللحظة الأولى التي اكتشفت فيها قدرتها على ترميم الغرف “كانت أول غرفة أجددها غرفتي بالمدينة الجامعية”، قررت بعدها أن تمد يد العون لكل من هو بحاجة إلى ترميم الغرف، ليمتد الخير إلى غيرها وتؤسس فريق “سين” التطوعي.
بداية القصة عام 2018، حين نشرت زهرة صورة لغرفتها في السكن الجامعي؛ عبرَّ “تويتر” وانهالت عليها التعليقات؛ لكن التعليق التالي غير حياتها: “أنا لو غرفتي مثل غرفتك بستحي إني أتضايق أو أزعل“، حاولت الطالبة الجامعية آنذاك؛ التواصل مع صاحبة التعليق لتجديد غرفتها؛ لكن انقطع التواصل ”في نهاية 2018 شفت بتويتر مقطع لأطفال من تنزانيا يشكرون بنت من عمان؛ تطوعت لمساعدتهم”.
لم تكن حياة زهرة على ما يرام في ذاك الوقت؛ ما جعلها تتمسك بفرص التطوع؛ حيث كانت تراه وسيلة للخروج من الضغط على حد قولها: “حاولت أسافر إلى تنزانيا أو لمخيمات اللاجئين السوريين وأتطوع هناك، اشتغلت وجمعت فلوس و حاولت أرتب الموضوع، لكن في النهاية فشلت و قعدت مكاني”.
تتابع الحكاية لـ “صُبرة”: “بعد مرور فترة بسيطة سألت نفسي “ليش ما أبدأ من هنا؟”؛ نزلت إعلان بتويتر عن رغبتي في التطوع بترميم غرف نوم البنات من الأسر المتعففة، وصلتني رسالة، كلمت أصحاب البيت واتفقت معهم ورحت شفت الغرفة”.
للمرة الأولى كسّرت جداراً
كانت المرة الأولى التي تكسر فيها زهرة جدار، وتتمكن من خلط مواد البناء، بدأت بمساعدة متطوع واحد وانتهت بمساعدة 10 متطوعين، قالت زهرة: “كانت أول تجربة لي هي حالة من ذوي الاحتياجات الخاصة، والأجمل حقيقة” ورغم نظرات الآخرين “كنت أحس بنظرة إقعدي في بيتكم أبرك لك؛ لكن حقيقةً كنت مستمتعة بكل شيء”.
وذكرت زهرة: “مرت أيام صعبة من ضغوط الدراسة وصعوبة المواصلات كان الوضع يصعب أكثر، صارت أخطاء كثيرة وتعبت ومرضت.. لكن حرفيًا كان هذا التطوع هو الشيء الوحيد اللي يخليني أصحى من النوم بحماس في هالفترة الصعبة بحياتي.”
وفي تاريخ 5/2/2019 تحديدًا احتفلت مؤسِسِة “سين” مع المتطوعين وسلمنا الفتاة الغرفة “حصلت على أجمل رد فعل بالحياة، ردة فعل خلتني أنسى كل لحظات التعب”.
مبادرة واحدة، صنعت فريق سين التطوعي، ومساعدة شخص واحد، تحولت إلى مساعدة عوائل بمناطق مختلفة، أصبح الآن عدد المتطوعين يتجاوز 4000 شخص، أصغرهم عمره 8 سنوات، وأكبرهم يتجاوز الـ40 سنة.
قالت زهرة: “كانت أجمل لحظة لما أشوف دموع الفرحة بعيون الأسر المتعففة والمتطوعين، شعور ما أقدر أوصفه أبدًا”.
وأضافت: “سعيدة لأني قدرت أحول الألم اللي بداخلي إلى شيء جميل، فريق سين ساعدني أتخطى أيامي الصعبة، ساعدني أفهم الحياة.. سعيدة أن فريق سين نجح”.
مشوار “سين” من بيت الحالة إلى الترميم
أوضح أعضاء الفريق عدم قبول التبرعات المالية، قائلين: “نستقبل بقية الاحتياجات المتطلبة من كل حالة مثل: الأثاث بجميع أنواعه وغيره” وعن كيفية تسجيل الحالات: “هناك رابط خاص بكل حالة للتسجيل كمتطوع فيها”.
يستكشف الفريق الحالات الجديدة من خلال نزةل فريق متخصص؛ لمعاينة المنزل: “يتم تزودينا بالتفاصيل كافة، وطرق التواصل معهم وصور لمنزلهم إذا أمكن”، بعدها يدرس فريق آخر احتياجات الحالة لاتخاذ قرار مساعدتها.
“شكراً سين”.. مشاعر السعادة تغمر متطوعي الفريق
كانت لعيسى عسيري أول تجربة تطوع مع “سين”: “إن شاء الله مو الأخيرة، كمية سعادة عشناها في التطوع بعد ما أنجزنا خلال وقت قياسي وجودة عالية، شكراً سين”.
وقال معاذ الشثري: “سين آمنوا أنهم قادرون على إحداث تغيير ولو بسيط لعشرات الأسر المحتاجة، محظوظ الوطن فيكم اليوم”.
وتأثرت ريا بنجر، كثيرًا بزهرة التي تصفها قائلة: “منذُ عرفتها وصوتها أجنحة نجاة وقلبها الطيّب جداً سند”.
وتملكت مشاعر الفخر من كلٍ من عقيل المليفي وعبدالله المالكي، من متطوعي سين: “الحمد لله إني كنت من ضمن المتطوعين، فخور إني كنت ولا زلت جزء بسيط قدر يساعد الأسر المتعففة، شكراً سين”.
قال أحمد الوادي: “خير الأيادي هي التي تعمل حتى يفرح غيرها”.
فيمّا أوضح عبد الرحمن بن أحمد؛ أن فريق سين التطوعي وفروا مأوى لأسرة بسيطة، قائلًا: “لنا حقًا أن نفخر بهذه المؤسسة العظيمة و جميع القائمين فيها، جزاكم الله خير”.
ووجه عاصم الطخيس، شكره إلى الفريق على الجهد المبذول وعملهم التطوع، الذي شجع العديد للمساهمة بوقته وجهده لخدمة المجتمع.
واختتمت زهرة قائلة: “الدافع كان مُساعدة لأنفسنا، مو بس للعوائل المتعففة.. نحن تتجدد أرواحنا بترميم منازلهم، فنحن نرمم الدار لترمم أرواحنا بإبتسامة أهلها، والأسر المتعففة كلها أسرنا، ومنازلهم منازلنا”.