اتفق.. الثقة وحدها لا تضمن النزاهة
كامل الخطي
المستشار الإداري لدائرة
الاوقاف والمواريث بمحافظة القطيف
كما هو باد من العنوان، فأنا اكتب هذا المقال بسبب “صفتي الرسمية”، وهذه محاولة مني لتوضيح ما قد يكون التبس على الأستاذ حبيب محمود في مقاله الموسوم “الثقة وحدها لا تضمن النزاهة”، فثيمة مقال الأستاذ حبيب تتصل اتصالاً وثيقاً بصلب وظائف ومهام دائرة الأوقاف والمواريث في القطيف والأحساء، وكذلك الأمر مع هيئة التدقيق على أعمال قضاة الأوقاف والمواريث في محافظتي القطيف والأحساء.
ساق الأستاذ حبيب محمود في مقاله موضوع هذا التوضيح، قضية وصفها بأنها واحدة من قضايا الأوقاف الدائر حولها جدل في القطيف، وحدد ملامح تلك القضية بكونها مشكلة ٧ أوقاف تحت ولاية فرد واحد، وذكر مزيداً من ملامح تلك الأوقاف التي اعتبرها “مشكلة” عَرَضَها كمثال لما تعانيه الأوقاف على صعيد إدارتها والرقابة عليها، من عدم تغيّر طريقة الولايات على الأوقاف أو تطور آلية المحاسبة والمساءلة، وكذلك أشار إلى غياب الشفافية.
ختم الأستاذ حبيب مقاله بفقرة تطّرق فيها إلى مسؤولية دائرة الأوقاف والمواريث لتأسيس آليات جديدة لتطوير إدارة الأوقاف، وتحقيق مبدأ الشفافية والنزاهة، والحيلولة دون إهدار هذه الثروة، وتسرّب إيراداتها، أو تداخلها مع المال الشخصي، ثم أردف فقرته الختامية بسؤال وجهه إلى دائرة الأوقاف والمواريث، وعمّا إذا كان لدى الدائرة مشروع، وهذا هو السبب المباشر الذي دعاني لتوضيح ما أظنه قد التبس على الأستاذ حبيب؛ ففي التوضيح بذاته، ممارسة للشفافية، وتحقيق لمبدأيْ التفاعل والاستجابة لشكاوى وملاحظات المستفيدين من الخدمات الحكومية.
وَرَدَ في متن مقال الأستاذ حبيب جملة تقريرية نصّت على: “وهذه الثقة “المطلقة” هي التي راكمت قضايا الأوقاف إلى حدّ باتت هذه القضايا أضخم من قدرة دائرة الأوقاف على الفصل فيها”؛ لذلك سأبني توضيحاتي على هذه النقطة، أقصد نقطة دور دائرة الأوقاف في الفصل في قضايا الأوقاف؛ فدائرتا الأوقاف والمواريث في القطيف والأحساء تعملان في حدود إطار تنظيمي عنوانه “اللائحة التنفيذية لعمل قاضي الأوقاف والمواريث وهيئة التدقيق” منذ عام ١٤٢٦هـ، وألحق باللائحة بعض القرارات الوزارية المُلزِمة وبعض أدلة الإجراءات التي دعت الحاجة إلى إصدارها، وإلزام قضاة دائرتي الأوقاف وقضاة هيئة التدقيق، بالعمل بموجبها واعتبارها أجزاء لا تتجزأ من اللائحة التنفيذية؛ فاللائحة التنفيذية وما ألحق بها من قرارات وزارية وأدلة إجراءات، هي من حدّد اختصاصات وصلاحيات قضاة الأوقاف والمواريث وقضاة هيئة التدقيق، وقد نصّت اللائحة التنفيذية على التالي في مادتها الثامنة: “يختص القاضي بإثبات ما ينهى به إليه في الأحوال الشخصية من إثبات الأوقاف والوصايا، والتولية عليها، والإذن في بيعها، واستبدالها للمصلحة، وحصر الورثة، وقسمة المواريث، وإثبات النكاح، وإثبات الطلاق، والرجعة، والخلع، وما عدا ما ذكر فهو من اختصاص المحاكم، أو كتابات العدل“.
كما نصّت المادة التاسعة من اللائحة التنفيذية على أنه: “لا يجوز للقاضي النظر في الإثباتات إذا كانت فيه خصومة بين أطرافه، أو نشأت خصومة أثناء نظره، أو وجد اعتراض على نظره ممن له مصلحة فيه، ويكون النظر في ذلك من اختصاص المحاكم“.
توضح المادتان الثامنة والتاسعة ما لقاضي الأوقاف والمواريث من اختصاص نوعي ومن صلاحيات، فليس من ضمن صلاحيات قاضي الأوقاف والمواريث النظر في الخصومات والمنازعات والفصل فيها، لذا لا يوجد في الدائرة “قضايا متراكمة أضخم من قدرة الدائرة على الفصل فيها”، إذ ليس الفصل في القضايا ضمن الاختصاص النوعي للدائرة، بل من اختصاص المحاكم.
أما فيما يتعلق بالتولية على الأوقاف، فهناك أيضاً مواد في اللائحة التنفيذية ترسم للقاضي حدود عمله في شؤون إصدار صكوك التولية والنظارة على الأوقاف؛ حيث تنصّ المادة السبعون من اللائحة التنفيذية على أنه: “عند إقامة الناظر على الوقف من القاضي يجب أخذ موافقة المستحقين لمصرف الوقف إذا كانوا أشخاصاً معينين سواء كان الناظر منهم، أو من غيرهم، ويتم توقيعهم على ذلك في الضبط“، وبهذا النص يتضح أن إقامة الولي أو الناظر تعتمد على موافقة المستحقين لمصرف الوقف، ولا تعتمد على رأي القاضي إِلا في حالة عزل الناظر أو الولي حسبما أوضحته المادة الثانية والسبعون من اللائحة التنفيذية التي تنصّ على أن: “للقاضي الذي أصدر النظارة على الوقف أو القائم بعمله النظر في عزل الناظر حال عجزه، أو فقده الأهلية“، وإن إثبات العجز أو فقدان الأهلية يتطلب قيام مستحقو مصرف الوقف بتقديم تبليغ بهذا المعنى.
وهذا يجيب على تساؤلات الأستاذ حبيب حول مسؤولية الدائرة عن تأسيس آليات جديدة لتطوير إدارة الأوقاف، وتحقيق مبدأ الشفافية والنزاهة، والحيلولة دون إهدار هذه الثروة، وتسرّب ايراداتها، أو تداخلها مع المال الشخصي؛ كما يجيب أيضاً على السؤال الخاص بما إذا كان لدى الدائرة مشروع يخص ما ذكر في الأسطر السابقة!
اقرأ الموضوع الأصل