أزمة أخرى تضرب مزاج القطيفيين.. “أبو ديچ” مقطوع عشاق الشطة الأشهر "حائرون .. يفكرون .. يتساءلون في جنون"

القطيف: صُبرة

منذ أيام؛ فقد حسين الداوود شهيته، لم تعد الوجبات التي تتعب زوجته في إعدادها تُغريه. فقدان الشهية لا يمت بصلة لإصابته بفيروس كورونا المُستجد، فلقد شفي منه منذ شهرين، وحتى حينها لم يعزف الداوود عن الطعام كما هو حاله هذه الأيام.

كلمة السر تكمن في “أبو ديچ”، الشطة التي ارتبط بها وارتبطت به منذ كان في السابعة من عمره، فيما هو اليوم يقترب من عقده السادس، حينها كان يشتري الغرشة الصغيرة بنصف ريال، وربما أقل، ولكنه يدفع اليوم ريالين ونصف الريال لها، هذا إن وجدها.

أغراش قديمة من “أبو ديچ” كان يشتريها الداوود بنصف ريال وتباع اليوم بـ2.5 ريال

مفقود.. مقطوع

هذه الشطة، أو “الدقوس” كما يُطلق عليها الكويتيين، مفقودة منذ أسابيع في أسواق المنطقة الشرقية، وحتى في دولتي البحرين والكويت، اللتان كان يلجأ لهما الداوود في أزمات فقدان “أبو ديچ” من أسواق القطيف، لكن حال عشاق هذه الشطة في المنامة والكويت كحال حسين، هم أيضاً يفتقدونها.

لا يعرف هؤلاء السبب في تعطيش الأسواق من شطتهم المفضلة، تماماً كما جرى في سنوات خلت، كان “أبو ديچ” تُفقد من الأسواق، لتعود إليها بعد أسابيع، وغالباً ما يصاحب العودة ارتفاع في السعر.

“كلن على همه سرى”

ورغم أن أسواق القطيف تفتقد سلعاً أخرى، مثل “التِتِنْ”، وأيضاً مياه “البَيْدَرْ”، لكن هذا الغياب لم يعن شيئاً لحسين، الذي لا يدخن، فيما يعتمد على المياه المُعبأة في الشرب، مستشهداً بمقطع من أغنية لفنانه المفضل؛ رابح صقر “كلن على همه سرى وأنا على همي سريت”.

سرى حسين على همه “أبو ديچ”، باحثاً في “السوبرماركت” وحتى “الهيبرماركت”، وحتى بقالات الأحياء الصغيرة، من رأس تنورة شمالاً، وحتى بقيق جنوباً، عله يجد “غرشة” زهد فيها المتسوقون فتركوها له، لكنه لم يجد.

ليس من المبالغة القول إن هذا المتقاعد من إحدى شركات القطاع الخاص، قطع مئات الكيلومترات خلال الأيام الماضية، بحثاً عن “غرشة أبو ديچ”، لكن هيهات؛ كان يعود في كل منزله خالي الوفاض، تعلو وجهه مسحة حزن.

الشطة الأشهر بين الخليجيين مفقودة في أسواقهم.

رابطة “عشاق أبو ديچ”

رغم أن “أزمة أبو ديچ” الحالية ليست الأولى التي تشهدها أسواق الشرقية والخليج، ولكن السابقات مرت دون أن يتأثر مزاج أبي علي، كان مخزنه حينها يكتظ بكراتين “أبو ديچ”. هذه المرة الوضع مختلف، فلقد نفذت الكمية التي خزنها، وبات الداوود “مقطوعاً”.

لم ييأس الرجل، تواصل مع أصدقاء في البحرين والكويت، علهم “يسعفوه” بكرتون أو في أسوأ الأحوال “درن” من “أبو ديچ”، كانت إجاباتهم متقاربة “”من وين يا حسرة.. الحال من بعضهم”.

أحد أصدقائه البحرينيين سأله “وإذا توفر لدينا؛ فكيف ستأتي لتأخذه، والحدود مغلقة حتى الأول من يناير المقبل؟!” أجاب “لا عليك؛ دبرني بأبو ديچ، وخلي الباقي عليّ”.

فلقد كان اتفق مع سائق يحمل تصريحاً للتنقل بين المملكتين، على أن يجلب له “أبو ديچ” لو وجد، أو يمر على أصدقائه في المنامة، ليجلبه له كمية، لو استطاعوا أن يتدبروا له كم “غرشة”.

أزمة “أبو ديچ” منحصرة في منزل الداوود عليه فقط، فأم علي والأولاد علاقتهم بهذه الشطة “بصرية فقط”، فهم “لا يطيقونه” كما قال، مضيفاً “هم يظهرون لي مشاعر التضامن في أزمتي الحالية، وولدي علي يبحث في كل مرة يدخل فيها سوبرماركت أو بقالة عن غرشة”.

عشاق “أبو ديچ” يعتقدون أن الشطة التي تُصدر للخيج تصنع بمواصفات خاصة

شطة بمواصفات خاصة

أم علي أكثر من في المنزل معرفة بحجم عشق زوجها لهذه الشطة، وتأثيرها “السحري” على مزاجه، فهي تضعها على رأس قائمة مكونات حقيبة سفره، “تلف كميات منها في فوط، وتضعها في وسط الحقيبة، وتتأكد أنها لن تنكسر في حال الحمل والتنزيل أثناء عملية شحن الحقائب في المطار وإيصالها إلى الطائرة”.

حتى حين سافر الداوود إلى أميركا موطن معشوقته “أبو ديچ”، أصر على أن يصطحب معه كميات منها، ضارباً بعرض الحائط نصيحة بناته بأن يشتري من هناك، “ففي ولاية هيوستن تُنتج هذه شطة redroostersauce” كما قالت ابنته سعاد، ليجيبها متسائلاً “وما يدريني أنها ستكون بنفس الطعم؟!”.

شكوكه صدقت؛ فحين جرب هذه الشطة التي اشتراها من أحد الهيبرماركت في شيكاغو؛ لم تكن بنفس طعم “أبو ديچ”، وعزا أحد أصدقائه السعوديين المقيمين في أميركا منذ سنوات، السبب إلى أنها “ربما تنتج بمواصفات خاصة للأسواق الخارجية، تختلف عن المحلية”.

العيش من دون “أبو ديچ”

في أزمته الحالية؛ جرب حسين الداوود أنواعاً أخرى من الشطة؛ من الخفيفة “رنا” إلى متوسطة الحرارة “سومطرة”، إلى الحارة جداً “تباسكو”، ولكنه قال متذمراً “ماش.. ما جابت الراس”.

“صُبرة” سألت الداوود “المأزوم”: ما العمل؟ زم شفتيه متحيراً، وقال “مدري”، مردداً مقطعاً من إعلان تجاري كان يروج لإحدى أشهر السيارات، ولكن بعدما حوره قليلاً “كيف نعيش.. كيف نعيش بلا أبو ديچ؟”. صمت لبرهة ثم دندن مقطعاً آخر من أغنية فنانه المفضل الآخر؛ عبدالحليم حافظ “حائرون .. يفكرون .. يتساءلون في جنون”.

 

اقرأ أيضاً:

نسوان القطيف يكسرن “القداوة”: “واصفيراه صفر”.. هل يتوفر “التتن” في ربيع؟

شركة المياه تُنهي عهد “البَيْدَرْ”.. إغلاق 31 نقطة توزيع مياه في القطيف

‫3 تعليقات

  1. انا عندي مخزن والان لم يبقى سوا اثنتان واشتريت الحبة ب 3 ريال من ابومعن
    وانا معظم الاكلات لا اكلها الا بشطة ابو ديش

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×