متفوقو القطيف.. بعضهم يعزف بيانو.. ويتابع “بودكاست” ويرفع أثقالاً 6 موهوبين يقضون 16 ساعة من المدارس إلى التمارين نحو "القمة"

القطيف: سماء الغراب

من تحصيل الدروس إلى تمارين الرياضة، روتين يومي يعيشه متفوقو محافظة القطيف. محاولات متعددة للبقاء على “القمة”. يشعرون بإحباط حينًا من “ليالي السهر”، وبقسوة الروتين في أحيانٍ أُخر، لكن لمعان التفوق وبريق الميداليات والكؤوس تداعب شغفاً في نفوسهم؛ اكتشفوه حين سمعوا أسماءهم في أول تكريم حصلوا عليه، لم يخفت مع التكريمات اللاحقة.

شعور مشترك راود 6 طلبة، من مدارس مختلفة في القطيف، ليكملوا طريقاً ممهداً إلى التفوق دراسياً أو في الألعاب الرياضية، أو مع “موهبة” التي احتضنت شغفهم.

جدول يومي وتوزيع الوقت

قضت محررة “صُبرة” يوماً مع 6 متفوقين من القطيف، عاشت معهم روتينهم اليومي، وحتى أوقات الملل.

لا يعتمد على جدول المهام، أحمد فؤاد آل كرم، الطالب في مدارس رواد الخليج العالمية، وأيضاً في مؤسسة الأمير محمد بن سلمان الخيرية (مسك). يقول “أحدد أقل عدد ممكن من هذه المهام لإنجازه. هكذا أتأكد من الإنجاز، كي لا تتراكم عليّ هذه المهام والمسؤوليات”.

حسن بن محمد آل ليل، طالب بفريق أولمبياد الفيزياءحسن محمد آل ليل، طالب بفريق أولمبياد الفيزياء.

فيمّا يلتزم حسن محمد آل ليل (من مدارس رواد الخليج العالمية)، جدول مهام وروتين يومي، يبدأ يومه بالدراسة أو التمرين (جري أو رفع أثقال)، ثم العمل على مشاريع خارج المدرسة، يحقق الروتين اليومي لطالب أولمبياد الفيزياء في المملكة، وقت فراغ يحاول فيه كتابة مهام اليوم التالي.

الصبر والتنظيم صفتان أتقنهما بمرور الوقت، علي سليمان آل الشيخ مبارك، من مدرسة النجاح الثانوية في القطيف، يقول “أبدأ يومي بالاستيقاظ باكراً، وتناول طعام صحي، ثم أحضر دروسي مع المعلم، وعند الانتهاء من الدوام؛ أتناول وجبة الغذاء”.

لا تتجاوز فترة راحة علي ساعتين، يضيف “بعد ذلك أبدأ بإنجاز المهام، ثم أقوم بتحضير دروسي مسبقاً، كي أتفاعل وأناقش مع المعلم أثناء الشرح”.

بتول بنت فوزي اليوسف، طالبة برنامج التميزبتول فوزي اليوسف، طالبة برنامج التميز

بتول بنت فوزي اليوسف، طالبة برنامج التميزبتول فوزي اليوسف، من مدرسة التهذيب الأهلية الثانوية للبنات في القطيف، تتطلع إلى الدراسة في الخارج، وتحديداً في إحدى الجامعات الأميركية، تلزم طالبة برنامج التميز، نفسها المذاكرة بعد انتهاء اليوم، قائلة “أذاكر لاختبار SAT محددة، كي أسلم شيئاً بعد العمل عليه، حتى إن لم يُحدد وقت تسليم”.

في التاسعة إلا الثلث صباحاً، يدق جرس المُنبه في هاتف زهراء حسين الميلادي، وهي تدرس في المدرسة ذاتها مع بتول، تحدد وقت فراغها بعد أذان المغرب “أوزع أوقاتي وأحدد المهام”. استبدلت طالبة الأولمبياد الدولي للفيزياء، دفاترها بتطبيقات الهاتف الجوال.

توزان سارا علي العبندي، بين ساعات الدراسة والراحة لممارسة هوايتها، قائلة “بالمذاكرة مع فاصل لمدة ربع ساعة تقريبًا بين كل مادة وأخرى، والبحث في الكيمياء بعد الانتهاء من المهام المدرسية، أحاول تنظيم أوقاتي”.

العنبدي شاركت في أولمبياد الكيمياء في المملكة، وهي زميلة لسابقتيها في مدارس التهذيب.

أحمد بن فؤاد آل كرم، الطالب بمؤسسة محمد بن سلمان الخيرية "مسك"أحمد فؤاد آل كرم، طالب في مؤسسة محمد بن سلمان الخيرية (مسك).

يتحدون الصورة النمطية

يتحدى متفوقو القطيف الصورة النمطية للموهوب، الذي ينكب على دروسه طول الوقت، حيث يملأ أحمد آل كرم فراغه، عيناه خلف الكاميرا، يشارك في نادي التصوير، ويجد وقتاً كافياً للتحدث مع العائلة والأصدقاء، إلى جانب نشاطه التطوعي في البرامج المتنوعة التي تنظمها “موهبة”، برنامج مسك، ومبادرة التوعية بالبرامج PAI.

حسن آل ليل أيضاً مُبرمج بعد الظهر، حيث تستحوذ البرمجة وألعاب الفيديو والتمارين على جل طاقته ووقته، إضافة إلى 3 ساعات يوميًا، يقضيها المُبرمج الصغير في ناديي البرمجة والكتابة.

علي آل الشيخ مبارك مهتم بتطوير ذاته، بين الجري ولعب كرة القدم والقراءة وتعلم اللغة الإنجليزية “حتى أكون مستعداً للمرحلة الجامعية”، هكذا يقول.

تأبى بتول اليوسف أن ينتهي يومها بين ضغط المدرسة والتقدم إلى الجامعات “أوزع وقتي؛ بأن أعطي نفسي الراحة والاستمتاع بقراءة كتاب أو سماع بودكاست أو مشاهدة فيلم”.

تستمع بتول بالرسم والمناظرة باللغة الإنجليزية، ضمن أعمالها التطوعية في مؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله للموهوبين (موهبة)، قائلة “انضميت لنادي مناقشة اللغة الإنجليزية في المدرسة، وأمارس الأعمال التطوعية مع Saudi Youth” Ambassadors Group، وجمعية سيهات، وأبناء الوطن في السابق”.

تضيف “كنت ضمن متطوعي فريق منشأة “كن” لتوفير الفرص للطلبة”. كانت أيضاً أحد أعضاء برنامج “توست ماستر العالمية”، وهي منظمة غير ربحية للتعليم.

الموهوبة بتول درست علم الأعصاب والخلايا الجذعية والتقنيات الطبية، ضمن مبادرة “موهبة” بالتعاون مع “أوكسميديكا الإثرائي العالمي” 2018-2019.

شغف زهراء الميلادي بالفيزياء يجعلها تتعقب الأخبار العلمية، وتشارك زملائها في “موهبة” على مواقع التواصل الاجتماعي، وتجد متنفساً آخر في كتابة المقالات وتعلم فن الإلقاء ورسم اللوحات من حينٍ إلى آخر.

الميلادي، التي شاركت في الأولمبياد الدولي للفيزياء، تركز على التطوع لتقتنص الفرص عبرَّ “واتسأب”. وبالحديث عن أعمالها التطوعية “أنا متطوعة مع منظمة وسيلة للبحث العلمي، وعضو في فريق Kifah TED، وأتطوع أحيانًا في مساعدة الطلبة في حل واجبات الفيزياء” كما قالت.

بالقراءة والعزف على البيانو تحدد سارة العبندي من ساعتين إلى أربع، لممارسة هوايتها، فهي عضو نشط في برامج إثرائية عدة، تقول “أنا عضو في فريق أولمبياد الكيمياء السعودي، ومترجم في منظمة نجب، وأيضاً عضو في نادي المناقشة باللغة الإنجليزية، والتحقت في البرنامج الصيفي للمرحلة الثانوية بهارفارد Harvard SSP”. 

علي بن سليمان آل الشيخ مبارك، عضو فريق الأولمبياد الدولي للفيزياءعلي سليمان آل الشيخ مبارك، مشارك في الأولمبياد الوطني للإبداع العلمي (إبداع – موهبة).

آل مبارك ممتن لمعلميه وأبويه

تتملك علي آل الشيخ مبارك مشاعر الامتنان لمعلميه ووالديه، يصف أبويه بـ”أهم أسباب النجاح”، قائلاً “ربياني على حب العلم والاجتهاد.. وها أنا أقطف الثمار”.

يرى أن للنجاح “وصفة” يمكن للجميع تطبيقها، هي “عدم تراكم الدروس، مساعدة الآخرين، اكتساب احترام المعلمين، تحفيز الذات، الثقة في النفس، عدم تأخير الصلاة”، يختتم الطالب المتفوق حديثه راجياً أن ينفع أمته ووطنه بمّا حصله من علم حتى الآن.

هكذا يقضي متفوقو القطيف يومهم، نحو 16 ساعة روتين تتخللها فترات راحة، ليتبقى من اليوم ما بين 5 إلى 8 ساعات؛ هي مدة النوم، بينما زهراء تفوقهم بساعة واحدة.

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×